نموذج تطبيقي | تحليل قصيدة من إحياء النموذج للشاعر أحمد شوقي

تحليل قصيدة من إحياء النموذج : قصيدة "أبثك وجدي ياحمام و أودع " للشاعر أحمد شوقي 


نموذج تحليل قصيدة شعرية من إحياء النموذج


📃 نموذج تطبيقي لتحليل قصيدة من إحياء النموذج للسنة الثانية باك أداب وعلوم إنسانية وباك أحرار 

👈 يقول أحمد شوقي:

أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ \\ فإنك دونَ الطيرِ للسرِّ موضعُ

وأَنت مُعينُ العاشقين على الهوى \\ تئِنُّ فنُصْغي، أَو تحنُّ فنَسْمَع

أَراك يَمانِيّاً، ومصرُ خميلتي \\ كلانا غريبٌ، نازحُ الدارِ، مُوجَع

ومن عجب الأشياء أبكي واشتكي \\ وأَنت تُغَنِّي في الغصونِ وتَسْجَع

إذا كان في الآجال طولٌ وفسحة ٌ \\ فما البينُ إلا حادثٌ متوقع

وما الأَهلُ والأَحبابُ إلاَّ لآلِىء ٌ \\ تفرقها الأيامُ ، والسمطُ يجمع

أَمُنْكِرَتي، قلبي دليل وشاهدي \\ فلا تُنكريه، فهْو عندَكِ مُودَع

أَسيرُكِ، لو يُفْدَى فَدَتْه بجمعها \\ جوانحُ في شوقٍ إليه وأَضْلُع

واعلم أن الغدرَ في الناس شائعٌ \\ وأن خليلَ الغانيات مضيَّع

وأَنَّ نِزاعَ الرُّشدِ والغَيِّ حالة ٌ \\ تجيءُ بأحلامِ الرَّجال وترجع


◀ نحلّل القصيدة وَفق الخطوات المنهجية المعتمدة:

1-وضع النص في سياقه الثقافي والأدبي؛

2-تكثيف مضامين القصيدة؛

3- استخراج الحقول الدلالية، وعلاقتها بتجربة الشاعر؛

4- دراسة الخصائص الفنية للنص، بالتركيز على الصورة الشعرية والإيقاع؛

5- خلاصة تركيبية، وبيان مدى تمثيل القصيدة لخطاب إحياء النموذج.

☑ الإنجاز:

1-وضع النص في سياقه الثقافي والأدبي:

👈 نعرّف بتيار إحياء النموذج الذي جاء استجابةً لحركة النهضة الفكرية، وعاد شعراؤه إلى الشعر القديم يحاكونه شكلا ومضمونا ليبعثوا في القصيدة العربية دماء التجديد والحياة، بعد ان عاشت فترات من الجمود والركود في عصور الانحطاط. ومن أهم الشعراء الذين حملوا لواء بعث القصيدة العربية، نذكر: حافظ إبراهيم، والبارودي، وصاحب النص أحمد شوقي الملقب ب" أمير الشعراء". فإلى أي حد مثل الشاعر تيار إحياء النموذج؟

👈 نمر بعد هذا التأثيث إلى افتراض نوعية النص (قصيدة عمودية تقليدية تنتمي إلى شعر الإحياء)، وموضوعه: ( يعبر فيها الشاعر عن غربته في المنفى مخاطبا الحمام). فما الأساليب الفنية الموظفة؟ وما مقصدية الشاعر؟

👈 نكثّف مضامين القصيدة في فقرة موجزة مع بيان مدى جدّة المضمون من محافظته:

يبدأ الشاعر قصيدته بمقدمة يبثّ فيه وجده وألمه إلى الحمام، الذي وجد فيه مؤنست يخفف عليه غربته، ويقارن بين حاله التي يغلب عليها البكاء والشكوى وحال الحمام الذي لا ينفك يغني ويصدح، متوجها بعد ذلك إلى مخاطبة مصر مؤكدا على حبّه وتعلّقه وتذكره لها، ويختم قصيدته بأبيات في الحكمة تلخّص تجربته في الحياة.

↩ يظهر أنّ الشاعر يسير على خطى الأسلاف الذين عبروا عن غربتهم وخاطبوا الحمام معبرين عن لوعتهم، لذا فهو يتقيّل طريقتهم، مع التأكيد على أنّ الشاعر يعبر عن تجربة خاصة عاشها.

3- دراسة المعجم:

👈 نستخرج الحقول الدلالية، والعلاقة بينها، وأيها كانت له الغلبة مع التعليل، ثم نبيّن طبيعة اللغة الموظفة ( جديدة أم موروثة):

يتجاور في النص حقلان : حقل دال على الغربة، وحقل دال على الحكمة، والعلاقة بينهما سببية، ذلك أنّ تجربة الغربة جعلت الشاعر يخرج بتجارب في الحية صاغها في حكمٍ ومواعظ، ولعل حقل الغربة هو المهيمن لأنه الغرض المحوري. وقد عبّر الحقلان معا على التجربة النفسية للشاعر، وكشفا عنها.

▪ اتسمت لغة النص بقدر من الجزالة والقوة، وهي بذلك تشبه لغة القماء.

4-الخصائص الفنية :

👈 في الخصائص الفنية ندرس ما طلب منّا، وإذا لم جاء السؤال مطلقا ندرس الخصائص كلها ( الصورة، الإيقاع، الأساليب):

بنى الشاعر قصيدته بناء عموديا، راكبا بحر الطويل الذي يتميز بامتداده وسعته الشيء الذي ساعد الشاعر على البوح والتعبير، وجاءت القافية مطّردة موحدة ( موضِعو: -0--0)، أما الروي فجاء عينا مضمومة تعكس رغبة في التخلص من المعاناة والتعب النفسي، ونلاحظ في البيت الأول ظاهرة التصريع، حيث تبعت العروض ( وأودعو) الضّرب ( رِ موضعو)، وهو ما أنتج نغما موسيقيا مؤثرا.

وفيما يخص الإيقاع الداخلي، فنلاحظ عناية الشاعر بالتكرار ، حيث يكرر الصوامت ( السين، العين) والصوائت ( الضمة، ألف المد، الكسر)، هذا إلى جانب التكرار العروضي المتمثل في تكرار نفس البحر والروي والقافية في كل القصيدة ، وهو ما اسهم في خلق انتظام وتناغم زادا من فاعليتها الجمالية. ( إن لم نجد توازيا لا نشير إليه) .

▪ نلاحظ وفاء الشاعر للبنية الإيقاعية القديمة.

-وفيما يخص الصورة الشعرية نستخرج نموذجين، ونحللهما، مبيّنين وظيفتهما:

تعجّ القصيدة بالصور الشعرية، التي تؤدي دورها في الارتقاء بالقصيدة إلى مستوى فنّيّ أعلى، حيث نجد التشبيه في قول الشاعر: (ما الأَهلُ والأَحبابُ إلاَّ لآلِىء ٌ تفرقها الأيامُ)، ويقصد هذا التشبيه إلى إبراز قيمة الأهل في الغربة، فهم أشبه باللآلئ والدّرر، ولا يخفى ما أضفاه من جمالية على القصيدة من خلال قدرته على التصوير، وإلى جانب التشبيه نجد الاستعارة في قوله ( يا حمام)، فالشاعر ينادي الحمام وهو لا يعقل، ولا يملك قدرة على الجواب، وهذه الاستعارة تعبر عن حالة الوحدة التي يعيشها الشاعر ورغبته في البث والشكوى، إلى درجة أنه اتجه إلى مخاطبة عنصر من عناصر الطبيعة، والاستعارة هنا هي استعارة مكنية ( حذف فيها المشبه به الذي هو الانسان) تبعية لأنها وقعت في الفعل ( وجملة النداء فعلية). ولا شك أن هذه الصور وغيرها عبرت عن الواقع النفسي للشاعر، وارتقت بالقصيدة في سماوات الجمال الفني.

▪ نلاحظ ان الشاعر في صوره يحاكي القدماء معتمدا على المحفوظ الشعري وما ترسّب في ذاكرته.

( اذا طلب منا دراسة الأساليب نشير إلى حضور الخبر والإنشاء، ثم الأفعال ووظيفتها في إضفاء الحركية، والضمائر).

5- تركيب وتقويم :

👈 نتّبع في بنائه الخطوات التالية:

-تلخيص النتائج: نعود إلى مرحلة الفهم ( عبّر الشاعر في قصيدته عن تجربته في الغربة والمنفى ملخّصا تجربته في الحياة)؛

-المقصدية: وهي الهدف الضمني من الكتابة: قاصدا إلى بثّ شوقه، وإفراغ معاناته، وإبراز حنينه.

-الأساليب الموظفة: ووظف لهاته الغاية صورا شعرية عبرت عن التجربة، وإيقاعا متناغما، ولغة على قدر من الجزالة...

المناقشة: نلتزم فيها بالمطلوب في السؤال: وقد مثلت القصيدة تيار إحياء النموذج شكلا ومضمونا، فمن حيث الشكل شابهت القصيدة في لغتها وإيقاعها وصورها القصائد القديمة، وفي المضمون حاكى الشاعر القدماء في مخاطبتهم لعناصر الطبيعة من حمام ومطر وطير.. مع الإشارة إلى أنّ ذلك تمّ ضمن تعبير الشاعر عن تجربته الخاصة .

بالتوفيق 🌹


افريدو عبد اللطيف

مؤطر تربوي و أستاذ مادة اللغة العربية للسلك الثانوي التأهيلي ، حاصل على الماستر في الدراسات العربية. هدفنا تكوين فضاء تعليمي حديث من خلال إثراء المحتوى التعليمي بالمغرب و إعتماد التعليم عن بعد . facebook whatsapp youtube

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم